وكالة الحضارة للأنباء موقع اخباري موريتاني حر
مقالات مشابهة
الحقيقة أن ناكر لم يكذب بشأن القبض على السنوسي، فتصريحاته تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أنه قد تم القبض عليه في منطقة القيره وأنه يقبع في زنزانتة. ناكر ليس غبي بان يصرح هذا التصريح إن لم يكن عبد الله السنوسي فعلا تحت قبضته، ففي يوم 27 شباط 2012، توجه وزير الدفاع الفرنسي بوفد إلى مدينة الزنتان في زيارة مريبة دارت حولها مئات الأسئلة. فالوزير الفرنسي لم يأت ليستلم صندوق الترفاس الذي شاهدناه على صفحات الفيسبوك ويذهب في حال سبيله.. لقد جاء ليستلم صندوقا أخطر بكثير: إنه الصندوق الأسود، وعقدت الصفقة الرخيصة بل الأرخص في التاريخ.. ولتضليل الرأي العام نجد أن السيد مختار الأخضر يستبق الموعد ويعلن من الزنتان في تلك الليلة (25 شباط) عبر قناة العربية أن خميس القذافي في رقدالين، إلا أن الهدف كان تأمين منفذ راس اجدير لتهريب السنوسي لتونس ثم موريتانيا.. إلا أن مقاومة ثوار المنطقة أفشلت الخطة وتوفي هناك الأخ نصر مفتاح رحمه الله، فما كان الا الانتقال إلي الخطة رقم 2.. هنا قد يتساءل البعض لماذا لم يتم تهريب السنوسي عبر مطار طرابلس، السبب هنا هو أن المطار مراقب بشدة من العديد الشرفاء من عناصر الجمارك والعاملين بالمطار، ولا يريد الأخضر أن يضع نفسه في مأزق استعمال المطار في تهريب السنوسي؛ فقد ينكشف الأمر وتثور عليه ليبيا كلها لإخراجه من المطار، وتقتضي الخطة رقم 2 أن يقوم المختار فرنانة بالاستيلاء على منفذ رأس جدير عن طريق العقيد الذويب، ثم تهريب الهدف إلى تونس..
فشلت الخطة أمام صمود ثوار الشرطة وثوار زوارة، هنا يجب تنفيذ الخطة رقم 3 وهي الاستيلاء علي بوابة ذهيبة التي يسيطر عليها ثوار نالوت.. أفشل الله خطة الأخضر بخطأ غير متوقع من رجاله عند دخولهم الحوامد صباح 28 – شباط- 2012 فحدث ما حدث ذلك اليوم وفشلت الخطة رقم 3..
الهدف من كل هذه هو المحاولات تهريب السنوسي إلي موريتانيا عبر تونس، ثم يقبض عليه هناك وتستلمه فرنسا لسببين مهمين هما: أن السنوسي يعرف أسرار وتفاصيل دعم القذافي لحملة ساركوزي؛ وذلك ما لا يريده ساركوزي أن يخرج للإعلام، أما السبب الثاني فهو كسب ساركوزي للرأي العام الفرنسي لدعم حملته الانتخابية؛ وذلك بالحصول على السنوسي الذي تتهمه فرنسا بالوقوف وراء تفجير طائرة اليو تو الفرنسيه فوق صحراء النيجر.
تم تغيير خطة تهريب السنوسي عبر الجزائر إلي مالي، وهنا نشير إلى أن حرس الحدود الجزائري كاد أن يفشل الخطة، وحدثت اشتباكات ألقي القبض فيها على أحد رجال القذافي من التوارق، ثم تم تمرير عبد الله السنوسي إلى مالي، وانتقل تحت عيون فرنسية من مالي إلي فرنسا عبورا إلى المغرب ثم إلى موريتانيا، لأن مالي والمغرب لا تريدان الوقوع في حرج مع الحكومة الليبية الجديدة، أما موريتانيا فتعلم أنها خسرت كل شيء في ليبيا بمناصرتها للقذافي.
طبعا نصيب عبد الله ناكر من هذه الصفقة أن قبض مبالغ لم نستطع معرفتها بالتحديد، إلى جانب تنصيبه رئيسا لحزب جديد وهو القمة، وإقناع كل وجهاء الزنتان لدعمه ومنهم الشيخ الطاهر اجديع وشلوف وعبد الوهاب، وكذلك سقطت فاطمة الحمروش من القمة إلى القاع حين دخولها هذا الحزب الذي مات قبل أن يولد.
لقد قضى عبد الله ناكر على كل آماله ومستقبله السياسي؛ فقد انتهي دوره الآن؛ فإما أن يسكت أو يلحق بالسيد عمر بريبش السفير الليبي السابق في فرنسا؟. أما كل من الأخضر وباقي زعماء مليشيات الزنتان فلهم نصيب وافر من كعكة تهريب السنوسي.
للأسف أن هذه السيناروهات مزعجة لنا كليبيين؛ لأننا نخشى على ليبيا من هؤلاء، وصدق من قال إن السياسة لعبة قذرة، ومن خلال قراءة هذه الأمور المعقدة؛ أقول لكم، سوف لن يسلم عبد الله السنوسي لليبيا ولو قامت الدنيا، فإما أن يرحل إلى فرنسا أو أن يقتل بنوبه قلبية أو يتم الاتفاق على محاكمته وسجنه في موريتانيا أو دولة أخرى تختارها فرنسا، (لقد نجح الفرنسيون عندما فشل الآخرون في يوم 6 ديسمبر 2011)، وهنا أؤكد على السيد عبد الحفيظ غوقة أن يطلب فورا من الحكومة التحقيق في اعتقال السنوسي، وأن يتم كشف اللثام عن تفاصيل تهريب الأزلام ومن يقف وراء ذلك؛ لأن عبد الحفيظ قد أكد بشدة ذلك اليوم خبر اعتقال السنوسي؛ فمصادر غوقة رأس خيط مهم..
بقى أن اقول لكم إن هذا يحدث عندما تغيب الوطنية وتقل الديانة في بلدكم.. تمنينا أن يكون مستقرا وينعم بالأمن؛ ولكن قدره أن تتقاذفه الأمواج طيلة اثنين وأربعين عاما؛ فمن أخضر إلى أخضر، ومن جاحد إلى ناكر.
د. علي الصادق، أستاذ فلسفة التاريخ
