أخبار عاجلة
الرئيسية / المقالات / أطار.. في مرمى المدفعية الفرنسية الثقيلة؟

أطار.. في مرمى المدفعية الفرنسية الثقيلة؟

محمد ولد بتاح
سحر الطبيعة الخلابة تشي به معالم المنطقة، وشهرة أطار سارت بها الركبان، فهي عاصمة واحات النخيل والتمور، إذ أن جبال أزوكي تحدث عن نفسها وبلسان فصيح، تلك التي احتضنت إحدى أقدم مثابات دين الاسلام السمح، ودعوته بهذه البلاد،لتزول بذالك رايات الكفر الوقح، فالإمام الحضرمي كان هناك، ومن هنا أعطى لهذه البلاد الصحراوية العالمة ملامحها الحضارية والدينية المميزة القارة، وبالذات من آزوكي مسقط رأسي وأفخر بذلك.

آدرار مهد ومرقد أعيان العلماء الأبرار، من عبد الودود ابن الحاج المختار ونجله المرابط محمد، مرورا بالعلامة قاري بن حمد الله، رحمهم الله، وأخيرا وليس آخرا أحمد محمود ابن اماه، عمنا – وإن العم لصنو الأب كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم- والذي زرته بالإضافة إلى عبد الرحمن ولد بزيد وامحود ولد أديدبي.. وهما ذوي رحم ماس، كما زرت قاري وبه بدأت بمزار صالحين أولاد “ميجة” بأدباي، بأقصى الجنوب الغربي لمدينة أطار، الجمعة 25/01/2013م، لكن أثناء قفولي عائدا أدراجي من حيث أتيت، وبعد أن ترحمت وسعي، متما زيارتي التي باشرتها بغلس، إذ أنا أجد نفسي وجها لوجه أما سيارتي جيب عسكريتين أجنبيتين مشرعتين أسلحتهما الثقيلة المصوبة، وكلتاهما بطواقم أجنبية صرفة، تمشيان الهوينى وبخيلاء ظاهرة، على الطريق المعبد الوحيد، المؤدي إلى آزوكي، مما أثار حفيظتي واستغرابي، أولا لخلو العربيتين من الحضور الضروري للأفراد وحدات جيشنا الوطني، وثانيا للأسلحة المشرعة لغير ضرورة معلومة.

وأنا من كنت وصلت المدينة العتيقة والعريقة مساء اليوم السابق ضمن فوج إحدى باصات وكالات النقل المحلية العمومية، ومن محطة اكجوجت في المنتصف.
وجود أجنبي، بله “احتلال” سافر، لا يكاد يبذل مجهودا من أي نوع لموارات سوءة حضوره غير المرحب به، وكله عري وسوءات، لما له من مخاطر بادية وخفية، ومن ضحاياه المباشرة اليوم، أطار، حجرا وشجرا وواحات وسكان.

إذ أن دوي وأتون أسلحة هذا الحضور الاجنبي العدواني، الذي صارت مدينة أطار محطة رئيسية له، ومرمى لأسلحته الثقيلة، وفضلا عما ينشره دوي مدافعه من الإزعاج والرعب للساكنة عموما، فإن له كذلك مضاره الدائمة ومخاطره الداهمة، وشهادات الكثيرين تفضح تلك الحقيقة الماثلة، في ما يؤكده لنا المرشد السياحي المتمرس السيد محمود ولد أحمد جدو (ولعل أهل مكة أدرى بشعابها)المرشد الذي في ما يبدو باشر الآثار السيئة لهذه الاسلحة ولمخلفاتها المدمرة للمحيط، إن على قطعان الماشية من إبل وماعز وحمير وحتى طيور، أو على المراعي، إذ أن السيول وبعقب مواسم الأمطار تحمل نفايات الذخيرة السامة عبر مسارها في السفوح الجبلية والوديان، وقد لوحظ في آدرار وخصوصا في الأماكن القريبة من مدينة أطار وضواحيها ضمور حصاد التمور السنة الفارطة، وليذهب البعض إلى أن المياه الجوفية قد أخذت بقسط وافر من جرائم الجيس الفرنسي البيئية هذه المرة، الذي صير منطقة مأهولة بالسكان حقلا للرماية بالاسلحة الثقيلة، وهي الرماية المحفوفة بكل المخاطر، وبلدا مستقلا فأرا لتجاربه المخبرية العسكرية المحرمة والمجرمة دوليا.

ولامكان للغرابة مطلقا إذا لوحظ بين السكان ظهور أمراض غير مألوفة ولا حتى معروفة.

وإذ كان على فرنسا وهي القوة العظمى الغربية أن تدفع فاتورة وجودها العسكري المستفز كاملة، بتشييد الطرق والجسور المتعددة في الأماكن غير المأهولة البعيدة من المراكز الرئيسية والحضرية، وأن تشيد آبار المياه في الأقاصي النائية، لا أن تصوب مدفعيتها الثقيلة وليلا، إلى بيوت الأهالي المسالمين، فاتورة هي من أقل القليل، في مقابل التنازل عن السيادة الغالية لبلد حر.

والسؤال الملح الذي يبحث عن إجابة تطمئن لها القلوب، هو هل قواتنا المسلحة الوطنية الموريتانية على دراية كافية بما يتم داخل أروقة القواعد الاجنبية، وهي المتكتمة على حقيقة ما يدور ويجري داخل أسوارها، وماذا يعرف جيشنا الوطني والأمر كذلك عن نوايا هذه الجيوش الاجنبية وقواعدها الموصدة، التي تحيط بمدينة أطار وواحاتها إحاطة السوار بالمعصم.

وقد صار ديدنها ليلا ونهارا كما اسلفنا وربما عن سوء نية وقصد ونحن في هذه الذكرى العطرة وهي ذكرى المولد النبوي الشريف، القصف المدفعي الليلي العنيف والمخيف حول أطار، وكأن المدينة صارت هدفا لغزو وشيك، مما أثار رعب وفزع الأهالي وحيرتهم أيضا، وربما سبب أضرارا جسيمة في الأحياء المعرضة.

رماية عسكرية لا تنبئ عن حسن النية وأقل ما توصف به أنها تقض المضاجع وتؤذي الأموات قبل الأحياء، وكأن بلدنا المستقل، بما بذل أبناؤه من دماء زكية، وهو الذي يرقد شهداء حريته الاشاوس على مرمى حجر باكصير الطرشان وأماطيل واحسي الخشبة ثم بفم التزيكي… صار بين ليلة وضحاها بلدا مستباحا وعنوة.

إن واجب الجميع من وجهة نظري المتواضعة من مسؤولين ورعية ومن أرباب قلم وأصحاب رأي ولكل من ينتسب لهذا الوطن العزيز العمل على ما يكفل حياة مطمئنة وشريفة لأبناء بلدنا في وطنهم بكل ربوعه، ولكن بيد أبناء هذا الوطن وجهدهم الصرف وليس بواسطة الأغراب، ايا كانو.

إن الرماية العسكرية الفرنسية المحفوفة بالمخاطر تتم الآن في موقع “تاسننيف” على طريق أمحيرث حول مفلك اسريز باتجاه ظهر آدرار، ويقال إن أنواع الذخيرة المستخدمة والعهدة على الراوي تحتوي مكونات اليورانيوم المنضب، ولا تسأل هنا عن حجم المخاطر المحدقة بالاحياء: كنوال، تينيري واركيبة…

وإذا كان أمر القواعد الاجنبية شر لابد منه في أيامنا هذه الغريبة، فلم اذن نجعلها قواعد عسكرية مترفة تزاول أنشطتها المريبة والرهيبة داخل مدننا الوديعة، مسامتة لمآذن مساجدنا وقبابها ومراقد أجلتها وصالحيها وشهداءها، وكيف لا نبعد هذه القواعد الشريرة إلى أماكن قصية موغلة في مهامه الصحراء وقفارها اللامأهولة.

وهذا بالطبع لا يعني أنني ممن يستسيغون أو يبررون ولو للحظة واحدة حضورا تحت أي مسمى يدنس ذرة من أديم الأوطان من أدناها إلى اقصاها.

علما أن مدينة أطار ومحيطها يعرف منذ بعض الوقت وبحسب روايات السكان نشاطا محموما للأجهزة الفرنسية صاحبة اليد الطولى في المنطقة على ما يبدو، ويذكرون في هذا السياق متعهدا مقيما من اصول أوربية ومن ذوي الجنسية الفرنسية، عجوز، يبدو أنه يمتلك الكثير من الوسائل التي لا تبررها أنشطته المهنية المعروفة، بدءا بالأموال السهلة إلى السيارات العابرة للصحاري، إلى افخم المنازل والليالي الحمراء، وهلم جرا، إنه يدعى “مونيي” وقد تكون التسمية الحركية، إذ قيل إنه يواظب الإلمام بين الفينة والاخرى بمواقع المعارك مع الفرنسيين خلال فترة المقاومة الوطنية ضد الاحتلال، ململما رمم وعظام موتى مفترضين من الغزاة في ذلك الوقت، معيدا دفنها تارة أخرى بمقابر النصارى داخل أسوار مقار القيادة العسكرية للجيش الوطني بأطار وطبقا لطقوس يقررها هو.

حيث توجد المدافن الاستعمارية القديمة إبان فترة الاحتلال. ولعمري فإنه كان على الجيش الوطني أن لا تظل ثكنات قياداته بإزاء تلك المدافن الفرنسية و الاستعمارية المقيتة، ومهما كلف الثمن.
محمد ولد أماه-أطار
22352063
Mohamed.emmah@gmail.com

شاهد أيضاً

غزواني رجل دولة فلا داعي للقلق ../ الشيخ المهدي النجاشي – صحفي …

وأنتم تسيلون حبر أقلامكم وطقطقات لوحات هواتفكم بكثير من العنتريات احيانا والمزايدات على الموقف الموريتاني …