أخبار عاجلة
الرئيسية / المقالات / المسؤولية الاجتماعية اتجاه المرأة في الإعلام الموريتاني

المسؤولية الاجتماعية اتجاه المرأة في الإعلام الموريتاني

لا يسعني بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة إلا إن نساهم ولو altبالنزر اليسير، وارتأيت أن تتطرق هذه المساهمة إلى أهم المحطات التي سلكتها الصحفية الموريتانية وصورة المرأة في وسائل الإعلام الموريتاني دون الغوص في التفاصيل، إذ أن الغرض عندي يتجلى في لفت انتباه القائم بالاتصال و الجانب الرسمي إلى خطورة إغفال الاهتمام بالصحافة النسائية، بالإضافة إلى ذلك سأحاول أن أشير في هذه العجالة إلى المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام بصفة عامة اتجاه المجتمع و اتجاه المرأة بصفة خاصة.

يكتسي تغيير صورة المرأة في وسائل الإعلام أهمية خاصة، في سبيل دعم و تعزيز الجهود المبذولة من أجل خلق وعي بقضية المرأة، ليس على المستوى الرسمي فحسب و إنما كذلك على مستوى الجهود الشعبية ممثلة في المجتمع المدني.

 

إن دخول المرأة ميدان الصحافة لم يكن بالأمر السهل فقد كانت تهاب التعبير عن أفكارها ، خوفا من العادات و التقاليد التي كانت تقيدها ، إضافة إلى أن المجتمع لم يكن مهيأ أصلا لتقبل المرأة الصحفية، وتجلت رحلة المرأة الموريتانية مع الصحافة من خلال العديد من المحطات و المظاهر يمكن أن نذكر منها على سبيل المثال:

وجود يقظة نسائية بأهمية التطرق لقضايا المرأة وبروز الحاجة للتعبير عن العديد من القضايا الأساسية، من بينها حقوق المرأة بالدرجة الأولى بالإضافة إلى الجرأة في النقد بما ساهم في ترقية المرأة و النهوض بها، بعد ذلك ظهرت مرحلة الإبداع وذلك من خلال تخطي حاجز الاهتمام بقضايا المرأة إلى الاهتمام بالشأن العام و المجتمع ككل، احتراف العمل الصحفي : حيث ارتفع عدد النساء العاملات في الصحافة ، مع ارتفاع نسبة قوة العمل النسائي، علما أنه من غير الممكن فصل مفهوم المرأة العاملة عن أمور أخرى بينها عوامل تعليمية و ديمقراطية و سياسية ودينية و ثقافية.

محطة القوة الإعلامية: مع بداية التسعينيات من القرن العشرين، ومع دخول التطور التقني و “العولمة”برزت النساء كقوة إعلامية عكست حضورا أنثويا صحافيا ، ولكنه كمي ، بمعنى أن العاملات في قطاع الصحافة قد ازداد عددهن بيد أن قلة منهن وصلن إلى مناصب ومراتب على مستوى صنع القرار أو عملن في مجالس و هيئات الإدارة.

وبرغم التقدم الذي أحرزته المرأة العربية ـ بصفة عامة والموريتانية تحديدا ـ في مجال الصحافة، إلا أنه مازالت هناك فجوات قائمة تهدد الجهود المبذولة في هذا الصدد، وما زال الإعلام يقدم صورة غير متوازنة لا تعكس متغيرات المجتمع المختلفة و تنوع نماذجه ، وتقدم في بعض الأحيان صورا مهينة عن المرأة ، وتعرضها باعتبارها جسدا خالصا لا وظيفة له إلا الإثارة ، تاركا القضايا الجوهرية التي تدعو إلى النهوض بالمرأة وتغيير أوضاعها تتساقط – كليا أو جزئيا – من بؤرة التركيز الإعلامي إلى الهامش، فالتركيز على المرأة الجسد، المرأة الموضوع، يطغى بشكل كبير على المرأة الذات و الفاعلة، حتى في بعض الانتاجات الصحفية لبعض الكاتبات.

ولا خلاف أن وساءل الإعلام بصفة عامة تمتلك إمكانيات هائلة لها القدرة إذا أحسن استغلالها، فالإعلام له دور كما أن عليه مسئولية لا بد من تحملها من أجل إحداث عمليات التحديث و التطوير ، فهل يقوم الإعلام بتحقيق دوره في هذا الصدد؟ و هل يتصدى لمسئولياته الاجتماعية عن عمليات التغيير من خلال استراتيجيات إعلامية واعية تهدف إلى تغيير أوضاع المرأة، أم أن المسافة ما زالت كبيرة بين ما نتطلع إليه و ما نعيشه في الواقع.

إن مختلف الدراسات الإعلامية حول صورة المرأة في الصحافة التي تم إعدادها في نطاق تحليل مفهوم نظام جديد للإعلام على المستوى العالمي و حتى على المستوى العربي ، تتفق على أن وساءل الإعلام لا تولي عناية كافية للقضايا التي تهم المرأة بصفة خاصة و لا تهتم بالإسهام الاجتماعي و الاقتصادي الذي تقدمه ، وفي نفس الوقت فإن هذه الدراسات تقر بأن وساءل الإعلام ليست السبب الأساسي لوضع التبعية الذي تعاني منه المرأة و ليس بإمكانها و حدها أن تصحح الأوضاع في هذا المجال ، إذ أن الأمر يعود لأسباب راسخة في البني الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية وفي مواقف تحددها عوامل حضارية و لن يتسنى إيجاد الحلول إلا بإحداث تغييرات جذرية غير أنه – وحسب رأينا – بإمكان و ساءل الإعلام أن تسهم كثيرا في الحث على التغيير لو أنها تتخلى عن تركيز الصور النمطية في الأذهان وتسعى إلى تهيئة الرأي العام و مساعدته على تقبل صورة المرأة المعاصرة في ثوبها الجديد و تدعيم نهضتها بالتفهم و العمل السديد.

و يمكن التأكيد على أن تقديم نظرية نقدية لفاعلية العملية الإعلامية في عرض القضايا الاجتماعية المتعددة للمرأة و رسم دورها في المجتمع ، ووضع تصور لما يجب أن يكون عليه هذا الدور الحيوي ، هو أمر يصعب تحقيقه قبل أن نوضح بما فيه الكفاية ما نقصده بالدور الاجتماعي للمرأة.

فالحقوق الاجتماعية التي تحدد الدور الاجتماعي للمرأة لا يمكن فصلها عن قوى الضغط الاجتماعي الجديدة ، تلك القوى التي تطبع بصماتها على كل ركن من أركان الوطن ، وتترك بصماتها على الوضع الاجتماعي ، وتؤثر بطريقة مباشرة على تلك المكتسبات السابقة التي حظيت بها المرأة العربية منذ قرابة أكثر من قرن من الزمن، خاصة فيما يتعلق ببعض المفاهيم كالتعليم و الحرية الفكرية وحق المرآة في المساواة الاجتماعية و السياسية.

وأملنا كبير ونحن نخلد اليوم العالمي لحرية الصحافة أن يعي القائم بالاتصال في مؤسساتنا الإعلامية المسؤولية الاجتماعية الملقاة على عاتقه اتجاه المجتمع بصفة عامة والمرأة بصفة خاصة، وأن يعي القائمون على تنفيذ السياسة الاتصالية العليا للبلد أهمية وضرورة إنشاء مؤسسات إعلامية نسوية تلبي الحاجة الماسة للخدمات التي يقدمها هذا اللون من ألوان الصحافة المتخصصة وتجد فيه المرأة الموريتانية منتجا إعلاميا محليا دون الحاجة إلى المستورد وما يتضمنه من مخاطر جمة.

شاهد أيضاً

غزواني رجل دولة فلا داعي للقلق ../ الشيخ المهدي النجاشي – صحفي …

وأنتم تسيلون حبر أقلامكم وطقطقات لوحات هواتفكم بكثير من العنتريات احيانا والمزايدات على الموقف الموريتاني …