
أي علامة لاحترام التعليم و الوزير يستفز الأساتذة و يحكم عليهم بقطع أرزاقهم بمجرد مشاركة الواحد منهم في إضراب قانوني ، استفاد منه غيرهم في بعض القطاعات و لم يعاملوا بمثل ما كان مع الأساتذة.
و هل يملك من يؤول القانون باتجاه العقوبة فيعاقب الأستاذ بشبهة و بدون شبهة . هل يملك أدنى ذرة من احترام لأساتذة كانوا وراء تربيته و تكوينه.
كيف يريد أن يسلك الإصلاح و يوهمنا أنه مصر على ذلك و هو يحرم الأساتذة من حقهم في الترقية و يلقي بهم بمجرد أنهم قاموا بالإضراب الشرعي مدة أسبوعين في سابقة من التملق و الحرص على المنصب ومزاياه و إبعادا لمستقبل الأجيال عن هموم السلطة و أولوياتها ، و كان حريا به أن يشكرهم لأن إضرابهم لم يكن إضرابا مفتوحا مع قيام دواعيه و موجباته بل قدموا مصلحة التلاميذ و أوليائهم بعد أن رمت الوزارة بآمالهم و بمستقبلهم بعيدا.
و الذي يَحْرم التلاميذ و أجيال المستقبل من أساتذتهم الأكفاء ذوي الخبرة الطويلة و يلقي بهم بعيدا في حالة هستيرية من التصفيق و خوفا من أن يتكرر عدوى الإضرابات في باقي القطاعات و تبقي الوزارات و متنفذوها و حاشية ذا و ذاك و أولئك يبقوا في الوزارات أطول فترة ممكنة ( أمنين نشرب احن يعمل الحاس يدكدك) فليمت الشعب جهلا إن لم يمت جوعا قبل ذلك.
إنه و الله لا يمكن أن نصدق تظاهر احترام وزير الدولة للأستاذ و هو الذي يصرح علنا بعدم احترامهم و يتهكم و يسخر من بعضهم كما فعل في مدينة وادان و غيرها.
أمَا أنه يطلب منا الاحترام و التقدير و هو الذي لم يضع أي لبنة حقيقية لإصلاح التعليم بل و يعجز لأكثر من ثلاث سنوات عن القيام بتشاور ما لإصلاحه فبعد مثل هذا الإخفاق إنما يقطع شعرة معاوية مع الأساتذة و المربين. و نقول في هذا الصدد للوزير إياك أن تنخدع بجمهور المناصب الرفيعة فهم اليوم يد و غدا يد و رجل.
أم نحترم الوزير و نُجلّه لأنه تأخر في منح شهادتي وفاة إحداهما لمهنيته و إن كان لمع نجمه في عالم ما وراء المهنية. و شهادة الوفاة الثانية هي للعملية التربوية في ظل نظام القطيعة مع الماضي و التي حولها الوزير إلى نظام القطيعة مع المهنية والركون إلى المزاجية و الارتجالية.
و أخيرا نقول بأنه إذا استمر وضع التعليم على ما هو عليه الآن فلن يسلم أحد من تداعيات سقوطه و سندفع و تدفع أجيال الغد الثمن باهظا جدا و على الجميع أن يهب لإنقاذ ما تبقى من عمليتنا التربوية فالمسؤولية مشتركة ولا يمكن لأحد أن ينأي بنفسه عن علاجها لأن الكل سيتضرر عاجلا أم آجلا و كما قيل فإن تصدير الجاهل (تخريجه) لا يقتل العالِمَ فحسب بل الناس جميعا.