وكالة الحضارة للأنباء موقع اخباري موريتاني حر
مقالات مشابهة
يرك، وأحد أبرز الشخصيات والزعامات التقليدية في الولاية، يعرف عن “ولد بله” أنه آخر موريتاني يصافح الشيخ “أحمده حماه الله” شيخ الطريقة التجانية الحموية، قبيل نقله إلى خارج البلاد من قبل قوات الإحتلال الفرنسي.
ويروي ولد بله قصة لقائه بالشيخ، قائلا: في زوال ذلك اليوم المشمس من سنة 1946 بينما كنت مجبرا من قبل الفرنسيين على تأدية العمل في مطار أطار حاضرة ولاية آدراء، سمعت صوت طائرة تقترب حيث صوب مراقب البرج منظاره للتأكد من هويتها مخافة أن تكون تابعة لألمانيا عدوة الجمهورية الفرنسية، وبعد التأكد من هويتها سمح لها بالهبوط، لحظات ونزل طاقمها الفرنسي، ثم نزل رجل يتشح بالبياض، قلنسوة وقميص ابيض، ويرتدي خفين “اكراك” تقدمت إليه وأنا أتساءل في قرارة نفسي ماذا يفعل هذا المغربي الأسمر ولماذا يرافق الفرنسيين، بادلته التحية وتفاجأت عندما اكتشفت لكنته الحسانية، لكنني لم أكن قدرا على تفحص معالم وجهه، لقد كان يتلألأ نورا.
طلب مني ماء للوضوء، فقدمت له إناء وأثناء وضوئه سألني “أرجو أن لا تكونوا قد تعرضتم لأي أذى من هؤلاء الكفرة”، أجبته بأننا مرغمين على العمل مقابل أجر زهيد. عندما أنهى وضوءه سكبت بقية الماء على مدرج المطار ولو علمت أنه الشيخ حماه الله، لتبركت به واحتفظت به لهذا الغرض، يقول ولد بله. بعد الإستراحة القصيرة تحركت محركات الطائرة، وكان الشيخ أحمده في مقدمة الصاعدين، ودعني حيث مرر يده على رأسي، وواصل صعوده، وأنا أتساءل في نفسي من هذا الرجل، ولم يكن بمقدوري طبعا أن اسأل الفرنسيين.
بعد مغادرته سألني المشرف المباشر على عمال المطار قائلا، هل تعرف من الرجل، أجبته بلا، قال إنه نبيكم، أجبته بابتسامة ساخرة وشرحت له كيف أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو آخر الأنبياء، وأن روحه انتقلت إلى باريها، رد قائلا إنه الرجل الذي بسببه نشبت الحرب بين قبيلتين موريتانيتين في الشرق، كان هذا التعريف كافيا لأن أدرك أنني كنت بين يدي قطب زمانه الشيخ أحمده ولد الشيخ حماه الله، ولازلت أتذكر وقفتي بين يديه وهيبته، وسماحته، إن النور يتلألأ منه إلى درجة تفقد الناظر إليه قدرة التركيز.
الصحراء
