أخبار عاجلة
الرئيسية / المقالات / الحرب على الفساد في المقامة الجعفرية

الحرب على الفساد في المقامة الجعفرية

alt

حدث أبو جعفر ذلك الرجل الأغجر فقال : ظهر الفساد و كثر الأوغاد  في أنحاء البلاد ، و حانت نجدة العباد ، فسأجمع الأموال و أغير الأحوال ، و أنهي الكزرة هذه المرة ، و أطور الصحة ، من دون مزحة ، و أصلح التعليم في هذا الإقليم ، و أشيد العمارات ، و أنشئ الصناعات إذا نجحت في الانتخابات . 
فسال لعاب الشعب و استفزه العجب و غرته حلاوة الكلام ، عما ينتظره في الأمام ، في جنات  و عيون وقلاع و حصون ، وعيش رغيد ، و مستقبل سعيد . 
فأعطى جل أصواته و جلس ينتظر أمنياته ، فمر الشهر و الشهران ، و العام و العامان ، حتى قال قائل الشعب : أين الحق من الكذب ؟ لقد زاد الفقراء وقل الأغنياء و حلقت الأسعار فوق الأقمار ، ثم جاء في  الأخبار عن عقد حوار بين الثيران و الخرفان ، لإحلال التصافح مكان التناطح ، و إرضاء الخراف ببعض الأعلاف و تجديد الأظلاف فالعام جفاف و الكل قد خاف .
و أجلت الإصلاحات كتأجيل الانتخابات ومددت بطاقة التعريف و بددت سياسة التجفيف ، للفساد المخيف بشئ من التخفيف و شاع التصفيق ، و أنواع التلفيق حتى قال أحدهم ما معناه في مدح مولاه : 
ما شئت لا ما شاءت الأقدار    فاحكم فأنت الواحد القهار 
ثم أردف و على كلامه حلف :  لقد أنشئت المستشفيات و جلبت أرقى الآلات ، و فتحت الحوانيت وقسم الحوت ، و قلت نسبة الوفيات و كثرة نسبة الولادات  وزاد الدخل وتطور النقل وقل السراق وحرم النفاق ، و جلب الماء من آفطوط إلى العاصمة نواكشوط ، و عبدت الطرق ، و حسن الخلق .
ثم واصل المسكين يفصح و يبين  عن عديد إنجازات جلها شعارات ، صاحت بها الإذاعات و ضجت بها الشاشات ، إلا أن الإشكال في بعض ما قال أن الجيوب الفارغة طوحت بأهلها الفاقة فلم تترك منهم باقة ، و أن أشباه العمال و لا عمال يستلمون مرتبات هي أشبه بالصدقات ، تدفع لأموات لم يخرجوا بعد من الحياة أشباح بلا أرواح ، لم يطرقوا بابا للأفراح ولم يفكروا يوما في النجاح .
فهذا حال العاملين فكيف حال العاطلين ؟
حدث ولا حرج ، فالحق أبلج و الباطل لجلج ، و لن تعدم الحجج ، فقد رصدت الميزانيات ، و استدرجت التمويلات ، للمشاريع الكبيرة و تلك الصغيرة ، و شيدت وكالة للدمج تأمها الناس من كل فج ، فتطلعت النفوس ، و اشرأبت الرؤوس ، لكن الجمع أحبط و في يديه أسقط ، فقد دفنه النسيان في مقابر الحرمان وما عاد يسأل عنه إنسان و أوصدت الأبواب و تقطعت الأسباب و قبس الأمل غاب و الجرم كله في الانتخاب فقد أنفقت فيه الوعود ووثقت فيه العهود و أسرف في الكلام و بولغ في الإعلام و ضخمت الإنجازات مما أثار التساؤلات :

ما فائدة المستشفيات إذا تكدست بالأموات و من سيشغل الآلات حيث لا توجد خبرات ؟ و هل يجوز السكوت على مصير الحوت ؟ ثم أجبني بالضبط ما أخبار النفط ؟ سل السيارات عن حال المحطات تجبك الفاتورات وهل بقي أساس  لمعدن النحاس و أين ذهب معدن الذهب أما الحديد ففيه بأس شديد …..
أما التعليم فعين الجحيم له أربعة رؤوس لا تحزها الفؤوس ، كثيرة الجعجعة قليلة المنفعة تتقنع بالإصلاح ، و تزعم النجاح ، و هي ليست بأهله  و لا تخوض في شأنه أين وسائل المعلم  وما كان به يحلم ، و أين دفاتر التحضير ؟ و أنواع الطباشير ووثائق المدير ، وميزانية التسيير التي بها يدير ؟ أين المحفظات و ما فيها من أدوات و أين الكتب ؟ هل غيبتها الحجب و كم عدد التكوينات لفهم الكفايات ، كل هذا الآن في خبر كان : سبع و ألفان . ثم كثر التسيب و فشا التسرب ، وشاع الإهمال و ساءت الأحوال و غاب الرقيب و توارى الحسيب .
و في يوم مشهود أمطرت فيه الوعود أعلن في مهرجان عن هذا البيان : لقد همت السلطة بإعداد خطة عنوانها التشاور و تشجيع التحاور لعلاج التعليم من وضعه السقيم .
فمرت الأيام و حلبنا الأوهام و أصابنا الملل و السآم ، ثم حدث التغير و أعطي الأمر بتشكيل  لجنة من أهل المهنة لهذا الغرض و لذات المرض ، و نحن الآن ننتظر و الوقت سريعا يمر .
أما عن الصناعات و تشييد العمارات فلا مسمارا صنعنا و لا جدارا رفعنا لا بل عندنا صناعة وهي غلاء البضاعة لإنتاج الطماعة  و استبدال القناعة وكذلك التشييد فقد هدم العديد من الإنشاء و البناء بحجة الفوضى ، فرحل أهله و سويت أرضه .
فيا أخي إسمع لعلك تقنع لقد نزع القناع وكشف الخداع و عرف السبب و بطل العجب و ما عدنا نثق و لا نصدق قالب الكلام  المعسول المحشو بالمجهول و اتضح الخيار ورفع الشعار ، لا للتصفيق ، نريد التطبيق هيا للكفاح ، لأجل الإصلاح و نزع الحقوق للشعب المسحوق ، كفي وعودا لا تثمر عودا ، لا للتطبيل ، لا للتبجيل نريد التغيير من أجل الفقير و كلنا يسير يهتف و يشير :      رب رحماك كم يعاني الفقير      من أسى ماله عليه من نصير 
يتلظى إهابه النار صيفا          و شتاءا يذيبه الزمهرير 
ما علي جسمه لباس يوقيــــه ولا عنده فراش وثير 
:  بقلم محمد ولد اعل و لد الشيخ  
–    معلم –

شاهد أيضاً

غزواني رجل دولة فلا داعي للقلق ../ الشيخ المهدي النجاشي – صحفي …

وأنتم تسيلون حبر أقلامكم وطقطقات لوحات هواتفكم بكثير من العنتريات احيانا والمزايدات على الموقف الموريتاني …